الطريق إلى المستقبل: تسريع التحول إلى مستقبل كهربائي في دولة الإمارات
بقلم روبرتو كولوتشي مدير عام السيارات الكهربائية في مجموعة عبد الواحد الرستماني

تقف دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الثورة العالمية في مجال المركبات الكهربائية، من خلال إستراتيجيات رائدة تشمل إستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، وإستراتيجية التنقل الأخضر 2030، ومبادرة الإمارات الإستراتيجية للحياد المُناخي 2050، وغيرها من المبادرات الطموحة.
يمثل اليوم العالمي للمركبات الكهربائية محطة مهمة للاحتفاء بما أحرزناه من تقدم في تبنِّي حلول التنقل المُستدام، وفرصة للتأمل في المسار المستقبلي الذي ينتظرنا. ففي دولة الإمارات، أصبح التنقل الكهربائي جزءاً لا يتجزأ من أسلوب الحياة اليومية، وهو إنجاز لم يكن ليتحقق لولا القيادة الإستراتيجية والابتكار العملي اللذان يواصلان إعادة تشكيل اقتصادنا والارتقاء بمستوى جودة الحياة في مجتمعنا.
رؤية دولة الإمارات بشأن التنقل الكهربائي
من المتوقع أن يصل حجم سوق المركبات الكهربائية في دولة الإمارات إلى 1.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، مع تسجيل أكثر من 30 ألف مركبة كهربائية في دبي وحدها، ومواصلة الاستثمارات الكبرى دورها في دفع عجلة النمو. يشهد وعي المستهلكين في دولة الإمارات تحولاً سريعاً، إذ باتت المركبات الكهربائية تُرى كخيار عملي، لا كمجرد تطلُّع مستقبلي. ورغم أن السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي (IC) والهجينة لا تزال تشكِّل النسبة الكبرى من السوق في الوقت الراهن، إلا أن النمو المتسارع في مبيعات المركبات الكهربائية -المدعوم بارتفاع الطلب وتسجيل مئات الحجوزات المسبقة لطرازات جديدة- يعكس بوضوح تفضيل المستهلكين لتكاليف التشغيل اليومية المنخفضة التي توفرها هذه المركبات.
ويأتي هذا الزخم مدعوماً بشراكات إستراتيجية عبر القطاعات المختلفة، والتي تُعد من العوامل الأساسية لبناء منظومة متكاملة تدعم الأهداف الطموحة لدولة الإمارات، وتُسهم في القضاء على مساور القلق لدى العملاء.
بناء منظومة متكاملة للمركبات الكهربائية
تُعد دولة الإمارات وجهة جاذبة للمواهب والمقيمين؛ لذا فمن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان دبي وحدها ليصل إلى نحو 7.8 ملايين نسمة بحلول عام 2040. ويعني هذا النمو غير المسبوق مزيداً من السكان، ومن ثم المزيد من المركبات على الطرق.
ورغم أن المشاريع الطموحة في مجال النقل العام مثل "قطارات الاتحاد" ستُحدث نقلة نوعية في حركة التنقل بين المدن، فإنها لا تُغني عن وسائل التنقل الشخصية. فما زالت المركبات الخاصة تشكِّل جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، سواء لأغراض الذهاب إلى العمل، أو لتلبية احتياجات الأسرة، أو للوصول إلى المحطة الأخيرة في الرحلة. ومن هنا تبرز أهمية التركيز على تحويل طبيعة المركبات نفسها لتواكب أهداف الاستدامة. ويتمثل المعيار الحقيقي لنجاحنا في قدرتنا على بناء منظومة متكاملة للمركبات الكهربائية تتناغم بسلاسة مع النمو السكاني المتزايد، بحيث تُسهم كل مركبة جديدة تُضاف إلى طرقنا في التقدم نحو مستقبل أكثر نظافة وحفاظاً على البيئة للجميع.
لكن تحقيق مستقبل كهربائي بالكامل يتطلب بناء منظومة تنقُّل أكثر صموداً وشمولاً، وتشمل هذه المنظومة ما يلي:
• توسيع نطاق الوصول: يعتمد تقدمنا على التعاون العميق بين الجهات الحكومية وقادة الأعمال والجمهور. ومن خلال المبادرات المشتركة، وأحدث التشريعات، والاستثمار المستمر في مجالات البحث والتطوير، نعكف على بناء مستقبل مُهيَّأ لمواجهة تحديات الغد. يضمن التوسع في إنشاء محطات الشحن على مستوى الدولة -بما في ذلك في المناطق النائية- قدرة جميع السكان على الاعتماد على المركبات الكهربائية دون القلق من نفاد الشحن. كما تُسهم الشراكات الإستراتيجية في تطوير بنية تحتية متكاملة ونشر مئات محطات الشحن التي يسهل الوصول إليها في مختلف إمارات الدولة.
o إضافة إلى ذلك، فقد عقدنا تحالفات إستراتيجية مع شركاء مثل شركة الإمارات لمحطات شحن المركبات الكهربائية، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) و تطبيق Charge&Go من شركة اتصالات (e&) لتوفير وصول حصري لعملائنا إلى شبكات الشحن الواسعة التي يديرها هؤلاء الشركاء.
• تعزيز المعرفة وزيادة الوعي: تتيح فعاليات مثل "اليوم العالمي للمركبات الكهربائية" فرصة ثمينة لفتح نقاشات بنَّاءة حول ملكية المركبات الكهربائية، وعُمر البطارية، والصيانة، والشحن. ويُعد التعاون بين أصحاب المصلحة في القطاع أمراً ضرورياً لتبسيط المفاهيم التقنية وتزويد المستهلكين بالمعرفة اللازمة، بما يضمن انتقالاً سلساً وشفافاً.
o تتجاوز مجموعة عبد الواحد الرستماني حدود المبادرات الموجهة للمستهلكين، من خلال تحفيز موظفيها على اعتماد المركبات الكهربائية. ويتضمن ذلك توفير خدمات الشحن المجانية أو المدعومة في مقار العمل، ودمج المركبات الكهربائية ضمن أسطول الشركة، وتقديم برامج شراء داخلية مميزة تشجع على التحول نحو التنقل الأخضر.
• دعم الاختيار والابتكار: يشهد السوق الإماراتي الحيوي اليوم تنوعاً متزايداً في فئات السيارات الكهربائية، من السيارات المدمجة المخصصة للمدن والطرازات الفاخرة إلى المركبات التجارية؛ مما يتيح لعدد أكبر من الأفراد العثور على الحل الكهربائي الذي يلبي احتياجاتهم ويتناسب مع ميزانياتهم. كما يشهد قطاع الشركات نمواً ملحوظاً في اعتماد السيارات الكهربائية، مع تحول واسع في قطاعات الخدمات اللوجستية والنقل التشاركي ووسائل النقل العام.
o ومن جانبنا، تضم محفظتنا العلامتين التجاريتين المتخصصتين في السيارات الكهربائية "زيكر" و"سمارت" اللتين تقدمان طرازات تجمع بين التصميم المبتكر والأداء العالي وأحدث تقنيات الاستدامة.
نحو مستقبل مشرق ومُستدام
ليست رحلة التحوُّل إلى السيارات الكهربائية مسعًى فردياً، بل مسؤولية مشتركة تضم جميع الأطراف المعنية.
وفي اليوم العالمي للمركبات الكهربائية لهذا العام، لا تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة فقط بما حققته من إنجازات استثنائية، بل أيضاً بالشراكات التي مهَّدت الطريق لتحقيقها. فمن خلال التعاون والعمل المشترك، يمكننا تسريع وتيرة التقدم والمساهمة في تشكيل مشهد تنقُّل أكثر نظافة وهدوءاً وقدرة على الصمود، لنُرسي بذلك معياراً جديداً للأجيال القادمة. سنسلك طريقاً عنوانه الثورة الكهربائية، تضيئه الابتكارات وتوجّهه رؤيتنا الجماعية لنحقق مستقبلاً أكثر استدامة.
